الثلاثاء، 8 مايو 2012

السير أثناء النوم مرض نفسي يقلق الأطفال والكبار... وحتى أطباء علم النفس

«بعد يوم مليء بالاضطرابات والمشاكل الاجتماعية ينهض بطل الفيلم من فراشه ليرتكب جريمة قتل، وبعد أن ينهي مهمته يعود إلى فراشه من دون أن يدرك ما حدث». مشهد من أكثر المشاهد السينمائية تكرارا في الأفلام العربية والغربية. وهي تقدم جانبا من صور نوبات السير أثناء النوم، لكن بطريقة مماثلة لانفصام الشخصية، وهو ما ينفيه المتخصصون النفسانيون الذين يؤكدون أن المشي أثناء النوم هو أحد الاضطرابات الحميدة الشائعة المرتبطة بالنوم والذي ينتشر عند الأطفال بنسبة تراوح ما بين 10 و30 في المائة (بين 4 و8 سنوات) وتنخفض النسبة عند سن المراهقة لتتراوح بين 1 و7 في المائة.

يستنكر الدكتور عبد الله السبيعي استاذ الطب النفسي مبالغة المشاهد التلفزيونية التي تطرح مثل هذه الحالة لدرجة بأن يقوم البطل أو البطلة بارتكاب جريمة قتل أثناء السير وهو نائم منوها الى ان الحالة لا تصل إلى هذه المرحلة من العنف والتعقيد. وذكر أن ظاهرة السير خلال النوم طبيعية وليس لها علاج سوى الرعاية الشديدة من قبل الأسرة إلا اذا صاحبتها أي اضطرابات مرضية أثناء النوم والتي قد تستمر حتى سن الرشد.


وذكر السبيعي أنه عادة تبدأ النوبة في مرحلة النوم العميق أي بعد مرور ما يقارب الساعة على النوم ولا تستغرق سوى دقائق معدودة حيث يستيقظ المريض جزئياً ويقوم ببعض التصرفات والحركة والمشي.. ومنهم من يذهب إلى الحمام للتبول أو ينزل على السلم أو يذهب إلى المطبخ ويأكل، أو يفتح دولاب الملابس ويمكن له أن يخرج خارج المنزل. وفي حالات نادرة يمكن أن يقوم بأعمال معقدة. ونتيجة لذلك يؤكد السبيعي على ضرورة ترتيب مكان نوم المريض كي لا يصاب بأي كدمات أو أذى، مشيراً إلى انه يصعب إيقاظ الفرد أثناء سيره كما أنه قد لا يتذكر شيئا مما حدث في الصباح الباكر. وأضاف السبيعي انه لا بد من التفريق بين اضطراب المشي أثناء النوم، ونوبات الخوف أو الرعب الليلي، إذ يقوم الطفل من فراشه بحالة ذعر وخوف شديدين، وهو لا يحدث في اضطراب المشي أثناء النوم. كما يجب تفريقه عن الكابوس أو الحلم المزعج لان هذا يحدث بشكل يومي مع الجميع، أما نوبة السير فهي قليلة الحدوث.


وفيما يتعلق بالاعتقاد السائد وهو ارتباط هده الحالة بالعين أو السحر يقول السبيعي «للأسف شاع بين الناس ربط هذه الحالة بالعين أو السحر ليلجأ المريض بعد ذلك سواء للمعالجين الشعبيين أو المشعوذين لشيوع مفاهيم خاطئة وعدم الإلمام بأمراض الطب النفسي، مؤكدا أن هذه الحالة طبيعية جدا خاصة في سن الطفولة أما اذا استمرت حتى سن الرشد فيتوجب أن تكون هناك متابعة طبية للمريض.


وتؤكد الدكتورة دعد مرديني وهي متخصصة نفسية أن السير أثناء النوم يعد عرضا طبيعيا وليست حالة مرضية نتيجة لزيادة النشاط والتوتر اليومي. كما تعتبر حالة من حالات التعبير عن القلق والتي لا تحتاج إلى أي علاج. كما لا ترى ضرورة في زيارة الطبيب إلا في حالة ظهور تغيرات في مدى الاستقرار النفسي سواء لدى الطفل أو الراشد بعد الاستيقاظ من النوم كالبكاء والانطواء والعصبية والتوتر إضافة إلى انخفاض المستوى الدراسي أو عدم القدرة على تأدية الأعمال في النهار. اذ يعتبر ذلك عرضا يشير إلى وجود مشكلة اكبر يجب حلها.


وتقول الدكتورة دعد إن علاج السير اثناء النوم لا يكون الا من خلال علاج مسبباته فان كان المريض يعاني من القلق يتم التركيز على هذا الجانب للتخلص من هذا العرض المرضي. مضيفة أن العامل الوراثي له دور في حالات متعددة اذ أن نسبة بين 10و20 في المائة من أقرباء الدرجة الأولى يظهر لديهم هذا النوع من الاضطراب.

هناك تعليق واحد: